مع انتصار الثورة الاسلامية في ايران، بذلت السينما الايرانية كسائر الفنون توجها واهتماما اكبر بالقضايا الدينية وانتجت اعمالاً ذات مضامين دينية وعقائدية، وفي هذا الاطار قدم المخرجون الإيرانيون عدداً من الافلام السينمائية والتلفزيونية والمسلسلات التي تناولت واقعة الطف في يوم عاشوراء .
ومن ابرز هذه الأعمال فيلم "السفير" للمخرج فريبرز صالح الذي انتج في الثمانينيات من القرن الماضي، ويتناول الأيام الاخيرة لحياة قيس بن مسهر الصيداوي أحد رسل الامام الحسين بن علي عليه السلام إلى اهل الكوفة ليحثهم على مبايعة الإمام ، لكنه يستشهد في النهاية بعد القبض عليه.
ويجب هنا الإشارة إلى دور الفنان القدير فرامز قريبيان في فيلم "السفير" في دور قيس بن مسهر، والذي جسّد بكل روعة مختلف جوانب هذه الشخصية من حيث الإقدام والشجاعة الى الايمان الراسخ بالقضية والهدوء والسكينة والمظلومية.
وشكلت سينما الدفاع المقدس أرضية مناسبة لإنتاج أفلام حول عاشوراء، إذ كانت لبعض المخرجين في هذا المجال مثل رسول ملا قلي بور نظرة إبداعية الى القضيتين، أي الدفاع المقدس وعاشوراء. فهذا المخرج صنع فيلم "التحليق في الليل" (پرواز در شب) إستلهاما من واقعة كربلاء. وفي الفيلم يحاصر مهدي نريمان قائد كتيبة كميل في قناة ومع مضي الوقت يفقد رفاقه الواحد تلو الآخر حتى لا يبقى له سوى عدد من الجرحى ثم تسوء الحال بنفاد الماء عندهم.إستلهم ملا قلي بور من أحدى الوقائع الدراماتيكية في كربلاء (منع الماء عن الامام الحسين (ع) وأصحابه)، في بلورة قصة فيلمه وربط مظلومية سيد الشهداء (ع) مع عطش ومظلومية كتيبة كميل. نقطة الذروة في الفيلم مؤثرة جدا، إذ ان نريمان يتوجه بعملية اقتحامية الى ساحة المعركة وبعد ملئه قرب الماء يمتنع عن شرب الماء ويحتضن الشهادة عطشانا كحامل لواء كربلاء العباس بن علي (ع).
"الليلة العاشرة" (شب دهم) للمخرج جمال شورجة يعد من ضمن الأفلام المستلهمة من موضوع عاشوراء، إذ يتناول إشتباك المشاركين في مراسم العزاء الحسيني مع المستشارين الاميركيين، وعبر الشخصية الرئيسة للفيلم – عزيز سحر خيز- الذي يترك زوجته الحامل لينجو بنفسه، يشير الفيلم الى مشاعر الخوف والترديد التي احتوت اهالي الكوفة الذين تركوا إمامهم وحيدا. تناول شورجة في هذا الفيلم المواجهة الأبدية بين الخير والشر وربط ذلك بمرحلة الحرب المفروضة من قبل النظام العراقي البائد على الجمهورية الاسلامية الايرانية (1980-1988).وفي الواقع فان "عزيز سحر خيز" ومن خلال وجوده في الجبهة خلال الحرب يتوصل الى حقائق لم يكن قادرا على إدراكها في مرحلة شبابه.
وآخر الاعمال السينمائية المنتجة التي تناولت واقعة الطف فيلم "القربان" (روز رستاخيز) للمخرج احمد رضا درويش، وهو عمل كبير تحدث عن الامام الحسين عليه السلام واصحابه الابرار، ويحكي قصة بكير بن الحر بن يزيد الرياحي وحقبة زمنية تمتد من موت معاوية بن ابي سفيان حتى إستشهاد الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) يوم العاشر من شهر محرم الحرام عام 61 للهجرة
وهناك مشروع فيلم جديد عن الإمام الحسين عليه السلام اعلن عنه المنتج السينمائي الايراني مجتبى فرآورده موضحاً بانه ينشغل منذ فترة بالإجراءات التحضيرية له وعنوانه "ثارالله".
وأشار فرآوردة إلى خطاب قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنه اي الذي أكد على عدم حصر الإمام الحسين (ع) في قضية كربلاء وشدد على ان يُبذل كل جهد في طريق إنتاج فيلم "ثارالله" وتوفر شروط إنتاجه باي ثمن.
الفيلم ينظر إلى قضية كربلاء وعاشوراء والإمام الحسين (ع) من زاوية مغايرة تجاهلها صانعوا الافلام للأسف حتى الآن حيث سيركز الفيلم على السلوكات والمفاهيم النبيلة التي قدمها لنا الإمام الحسين (ع) في حركته الثورية.
ا.س /د.ت